Admin Admin
عدد المساهمات : 2509 تاريخ التسجيل : 09/10/2009
| موضوع: مشاورة المهدي ( الخليفة العباسي ) لأهل بيته في حرب خراسان الأربعاء فبراير 19, 2014 1:59 pm | |
|
مشاورة المهدي ( الخليفة العباسي ) لأهل بيته في حرب خراسان
عبد الرحيم عبد الرحمن منصور خراسان ،أيام تحاملت عليهم العمال وأعنفت ، فحملتهم الدالة وما تقدم لهم من المكانة على أن نكثوا بيعنهم،ونقضوا موثقهم ، وطردوا العمال ،والتووا بما عليهم من الخراج، وحمل المهدي ما يحب من مصلحتهم ويكره من عنتهم على أن أقال عثرتهم ، واغتفر زلتهم ، واحتمل دالتهم ،تطولا بالفضل ، واتساعا بالعفو ، وأخذا بالحجة ، ورفقا بالسياسة ، ولذلك لم يزل مذ حمله الله أعباء الخلافة ، وقلده أمور الرعية ، رفيقا بمدار سلطانه ، بصيرا بأهل زمانه،باسطا للمعدلة في رعيته ، تسكن إلى كنفه ، وتأنس بعفوه، وتثق بحلمه . المشهد الأول : ترفع الستارة مع موسيقا مناسبة تدل على أهمية المكان . المكان : قصر المهدي أمير المؤمنين الأشخاص : بعض حاشية المهدي وجلساؤه يسمرون ويضحكون أحد الحاضرين : هل سمعتم ماحدث عندما خرج المهدي للصيد ومعه شاعره الظريف أبو دلامة ؟ صاحبه : ابو دلامة !! ما أظرفه!! إن أمير المؤمنين لايحجبه ولا يمنعه من الدخول عليه . المتحدث:خرج المهدي ومعه بعض حاشيته وأبو دلامة معهم للصيد ذات يوم . جليس: نعم .. وماذا حدث ؟ المتحدث: فلمح أمير المؤمنين المهدي ظبيا ، فسارع إلى قوسه ونشابه ورمى الظبي فصاده . جليس : المهدي مشهور بدقته في إصابة الهدف . المتحدث : ثم رأى مرافقه ابن سليمان طريدة ( وانفجر المتحدث بالضحك وضحك الحاضرون لضحكه ) جليس : هل صادها ؟ المتحدث : أطلق خلفها كلاب الصيد ،ثم رماها بسهم ( ويستمر بالضحك ) فأصاب أحد كلاب الصيد فقتله بدل الطريدة . الجميع : يضحكون.. ويضحكون ... المتحدث : فانبرى أبو دلامة ووصف المشهدين بشعره جليس : حلو ... شيء ظريف وماذا قال ؟ المتحدث: قال أبو دلامة : رمى المهدي ظبيا فشك بالسهم فؤاده وابن سليمان رمى كلبا فصاده فهنيئا لهما كل امرىء يأكل زاده فضحك المهدي حتى كاد أن يقع من على ظهر الجواد الجميع : يضحكون... متحدث آخر : أتذكرون عندما جاء الحرس بأبي دلامة وهو سكران إلى المهدي فأمر بحبسه مع الدجاج حتى يفيق ؟ جليس : نعم.. نعم ذكرنا بالحادثة المتحدث : لما أفاق أبو دلامة من سكرته ، ووجد نفسه محبوسا في خم الدجاج ، أرسل إلى المهدي يستعطفه ويعتذر عن فعلته ، فأطلقه المهدي ، وفي اليوم التالي يسأله المهدي : ماذا فعلت ياأبا دلامة لما وجدت نفسك محبوسا مع الدجاج ؟ قال أبو دلامة : كنت أقاقي الجميع يضحكون : كان يقاقي مثل الدجاج ... كان يقاقي .. الحاجب بصوت قوي : أمير المؤمنين المهدي رعاه الله الجميع يقفون صامتين عاقدي أيديهم على صدورهم المهدي يدخل : السلام عليكم ورحمة الله الجميع : وعلى أمير المؤمنين السلام المهدي : اجلسوا تابعوا سمركم .. أحدهم : كنا نتذاكر فصول (ابو دلامة ) وظرفه يا أمير المؤمنين المهدي : أبو دلامة ؟ لعله يحضر الآن فإنه لا يتخلف عن مجلسنا إلا لعذريمنعه ويلتفت المهدي إلى الحاجب ويقول : اسقنا يا غلام . الحاجب : أمر مولانا أمير المؤمنين يحضر الشراب ، يوزع على الحاضرين بعد أمير المؤمنين ، يتذوقه الحاضرون ، أحدهم معلقا : إنه محلى بالعسل .. لاأطيب ولاأزكى .. آخر يرد: إنه كذلك فهو شراب أمير المؤمنين الحاجب بأعلى صوته : أبو دلامة بالباب يا أمير المؤمنين المهدي : دعه فليدخل ، لا يطيب السمر إلا بوجوده أبو دلامة : السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته المهدي : وعليك السلام تفضل تقدم أبو دلامة من مجلس المهدي أبو دلامة : لو كان يقعد فوق الشمس من كرم === قوم، لقيل اقعدوا يا آل عباس ثم ارتقوا من شعاع الشمس في درج === إلى السماء ، فأنتم أكرم الناس أجسنت والله يا أبا دلامة ، فما الذي أخرك عنا ؟ ( وكان أن ولد لأبي دلامة ابنة ليلا ، فأوقد السراج وجعل يخيط خريطة من شقق - _ شبه الصرة _ثم طواها وجاء بها إلى المهدي ) أبودلامة : ولد لي الليلة جارية يا امير المؤمنين المهدي : مباركة إنشاء الله ، جعلها الله لك مسرة وفرحا ، هل قلت فيها شعرا ؟ ابو دلامة : نعم ، قلت : فما ولدتك مريم أم عيسى === ولم يكفلك لقمان الحكيم ولكن قد تضمك أم سوء === إلى لباتها وأب لئيم المهدي يضحك ويقول : فما تريد أن نعينك به في تربيتها أبو دلامة : تملأ هذه ( ويشيرإليه بالخريطة بين أصابعه ) يا أمير المؤمنين المهدي : وما عسى أن تحمل هذه ؟ أبو دلامة : من لم يرض بالقليل لم يرض بالكثير المهدي : املأوا له هذه الخرقة مالا ( فلما نشرت ملأت عليهم صحن الدارفدخل فيها أربعة آلاف دينار ) أبو دلامة : يحمل المال بسرعة ويذهب إلى بيته تسدل الستارة مع موسيقا مناسبة المشهد الثاني : المهدي في مجلس الحكم ترفع الستا رة ، اضاءة مناسبة ، المهدي جالسا على السرير ، حوله بعض الوزراء والحاشية ، في مجلس الحكم ، يحيط بهم مجموعة من الحرس . المهدي للحاجب : ما وراءك يا غلام ؟ الحاجب : رجل من رعيتك يستأذن لأمر هام يا أمير المؤمنين المهدي : أدخله علي الرجل : السلام على أمير المؤمنين المهدي : وعليك السلام ، ما حاجتك ايها الرجل ؟ الرجل: يا أمير المؤمنين إنك طلبت ( فلانا ) وأهدرت دمه ، ورصدت جائزة لمن يلقي عليه القبض ! المهدي: نعم فعلت وأمرت الرجل : يا أمير المؤمنين أمسكت بالرجل فاستجار فأجاره معن بن زائدة فقلت له : طلبة أمير المؤمنين وبغيته قال : قل لأمير المؤمنين إن الرجل في جوار معن تغير وجه المهدي ، وقال بحزم : المهدي : أحضروا لي معنا على الفور ( موسيقا تصويرية معبرة ) الحاجب : معن بن زائدة مع الحراس في الباب يا أمير المؤمنين المهدي : ادخلوه معن : السلام على أمير المؤمنين المهدي بغضب : أتجير علي يا بن زائدة !!؟ معن: يا أمير المؤمنين قضيت عمرا في طاعتكم وخدمتكم ، وقتلت من أجلكم وفي طاعتكم في اليمن في يوم واحد خمسة عشر ألفا ، أفما تروني أهلا لأن تهبوا لي رجلا واحدا استجار بي ؟ المهدي وقد سري عنه : نعم هو كما ذكرت ، إنه لك يا معن ، هو لك معن : ياأمير المؤمنين إن الرجل خائف وفقير فهلا وصلتموه المهدي : اعطوه خمسة آلاف درهم معن : يا أمير المؤمنين إن صلات الخلفاء على قدر جنايات الرعية المهدي : اجعلوها مائة ألف درهم معن : الشكر ... الشكر لأمير المؤمنين يخرج معن مسرعا ليبشر الرجل ، ثم يلحق به المال الحاجب : بريد خراسان بالباب يا أمير المؤمنين المهدي: دعه يدخل رجل البريد : السلام على أمير المؤمنين المهدي المهدي : وعليك السلام ، ما وراءك يا رجل كيف تركت عاملنا بخراسان البريد : تركته _ ايها الأمير _ في شر حال ، طرده أهل خراسان ، ونقضوا بيعتهم وأعلنوا تمردهم ، وقد أرسل إليك هذه الرسالة يناولها للحاجب ويعطيها الحاجب لأمير المؤمنين ، يقرأ المهدي الرسالة ، يقف فجأة وقد ارتسمت على وجهه علامات الغضب موسيفا فوية معبرة تسدل الستارة المشهد الثالث : الأشخاص : المهدي أمير الؤمنين ،عمه العباس ين محمد ، موسى ولي العهد ، هارون ، الفضل بن العباس ، وعلي ، ومعاوية بن عبدالله ، من الموالي : الكاتب محمد بن الليث ، سلام صاحب دار المظالم ، الربيع أحد المستشارين . ترفع الستارة .. المهدي جالس وقد لبس لباس الحرب وحوله الحاشية وخاصة أهل الرأي والمشاورة . المهدي : تعلمون لما دعوتكم ، إنه لحدث عظيم لم يحدث مثله في دولتنا الفتية ، ولا بد قبل أن أقدم على أي تصرف من الرأي والمشورة والنصيحة لتدارك الأمر ومداواة الفعل ، فقد غّر أهل خراسان حلمنا وسعة عفونا ، فكسروا الخراج ومنعوه ، وطردوا العمال ، وسألوا ما ليس لهم بحق ، وقد بعثت إليكم أنتم أهل بيتي ولحمتي ووزرائي ، استنصحكم للرعية ، وأقلب وجوه الرأي معكم ، فأنتم أهل نصحي ومشاورتي العباس بن الفضل : نحن كما عهدتنا يا أمير المؤمنين ولن نخذلك أبدا ما حيينا المهدي : على بركة الله نبدأ ، وأرى أن تتعقب يا عماه يا أبا الفضل قولنا ، وتكون حكما بيننا ، وناصحا ومعينا . أبو الفضل : أمر مولاي أمير المؤمنين المهدي : وآمر كاتبنا محمد بن الليث أن يحفظ مراجعتنا ومداورتنا ويثبت مقالتنا في كتاب يجعله عنده . محمد بن الليث : أمر مولانا المهدي المهدي : فلنبدأ على بركة الله ، ونحب أن نسمع من موالينا اولا ، تكلم يا سلام . سلام : ايها الأمير إنما نحن عمالك واصحاب دواوينك ، فحسن بنا ، وكثير منا، أن نقوم بثقل ما حملتنا من عملك، واستودعتنا من أمانتك ، وشغلتنا به من إمضاء عدلك ، وإنفاذ حكمك وإظهار حقك ، فلا خبرة لنا بالسياسة ولا تجربة لنا في أمور الحرب وفنونها . أعلم ذلك يا سلام ، وأقدره ، ولكن أريد أن تدلو بدلوك في هذا الأمر . سلام : إن لهذه الأمور أيها الأمير أقوام من أهل الحرب ، وساسة الأمور ، وقادة الجنود ، وفرسان الهزاهز ، وإخوان التجارب ، وأبطال الوقائع ... فلو عجمت ما قبلهم ، وكشفت ما عندهم ، لوجدت نظائر تؤيد أمرك ، وتجارب توافق نظرك ، وأحاديث تقوي قلبك . المهدي : هذا صواب ، إن في كل قوم حكمة ،ولكل زمان سياسة ، وفي كل حال تدبير يبطل الآخرالأول ، ونحن أعلم بزماننا ، وتدبير سلطاننا . سلام : نعم أيها الهدي ، أنت متسع الرأي ، وثيق العقدة ، قوي المنة ، بليغ الفطنة ، مؤيد البديهه ، معان بالظفر ، مهدي إلى الخير .. المهدي : إن المشاورة والمناظرة بابا رحمة ، ومفتاحا بركة ، لا يهلك عليهما رأي ولا يتفيّل معهما حزم ( لايضعف) فأشيروا برأيكم ، وقولوا بما يحضركم، فإني وراءكم ، وتوفيق الله من وراء ذلك . الربيع : أيها المهدي إن تصاريف وجوه الرأي كثيرة ، وإن الإشارة ببعض معاريض القول يسيرة ، ولكن خراسان أرض بعيدة المسافة ، متراخية الشقة ، متفاوتة السبل ، فإذا أحكمت نظرك في أمر ، وقلبت فيه تدبيرك ، فليس وراءه مذهب لحجة طاعن ولكن إذا أرسلت به الرسل وبعثت به البريد ، فإن الأحداث تتغير ، والمواقف تتقلّب ، قبل أن يصل إليك الجواب ، لبعد المسافة كما ذكرت ، واتساع الرقعة . المهدي : وبماذا تشيريا ربيع ؟ الربيع: الرأي لك ايها المهدي _ وفقك الله _ أن تعمد إلى الطلب إلى رجل ذي دين فاضل ، وعقل كامل ، وورع واسع ، ليس موصوفا بهوى في سواك ، ولا متهما في أثرة عليك .. ثم تسند إليه أمورهم ، وتفوض إلية حربهم ، وتأمره بلزوم أمرك ما لزمه الحزم ، وخلاف رأيك إذا خالفه الرأي ، عند استحالة الأمور ، واستدارة الأحوال التي ينقض أمر الغائب عنها ، ويثبت رأي الشاهد لها ، فإنه إذا فعل ذلك فواثب أمرهم من قريب ، وسقط عنه ما يأتي من بعيد ، تمت الحيلة ، وقويت المكيدة ونفذ العمل إن شاء الله . المهدي : شكرا لك يا ربيع ، لنر ما عند ابن عمنا الفضل بن العباس . الفضل : ايها المهدي إن ولي الأمور ، وسائس الحروب ، ربما نحى جنوده ، وفرق أمواله في غير ما ضيق أمر حزبه ، ولا ضغطة حال اضطرته ، فالرأي لك أيها الأمير _ وفقك الله _ أن تعفي خزائنك من الانفاق للأموال ، وجنودك من مكابدة الأسفار ، ومقارعة الأخطار ، ( ايضا ) لاتسرع للقوم في الإجابة لما يطلبون ، والإعطاء لما يسألون ، فيفسد عليك أدبهم ، وتجرىء من رعيتك غيرهم ، ولكن أغزهم بالحيلة ، وقاتلهم بالمكيدة ، وأبرق لهم بالقول ، وأرعد نحوهم بالفعل ، المهدي : ثم ماذا ؟ الفضل : ثم ادسس إليهم الرسل ، وابثث الكتب ، وضع بعضهم على طمع من وعدك ، وبعضا على خوف من وعيدك ... فإن مرام الظفربالغيلة ، والقتال بالحيلة أنفذ من القتال بظبّات السيوف وأسنة الرماح .. المهدي : إننا نستمع إليك ، ونفتح قلوبنا وعقولنا لما لديك ، فهل عندك من مزيد الفضل : ايها المهدي إن الوالي الذي يستنزل طاعة رعيته بالحيل ، ويفرق كلمة عدوه بالمكايدة ، أحكم عملا ، وألطف نظرا ، وأحسن سياسة من الذي لا ينال ذلك إلا بالقتال ، وإرهاق الجند ، وإتلاف الأموال . المهدي : هذا رأي قد أسفر نوره ، وبرق ضوءه وتمثل صوابه للعيون وتجسد حقه في القلوب ، ولكن فوق كل ذي علم عليم ثم نظر إلى ابنه علي : فقال : ما تقول يا علي ؟ علي : ايها المهدي إن أهل خراسان لم يخلعوا من طاعتك يدا ، ولم ينصبوا من دونك أحدا يكدح في تغيير ملكك .. فإنهم لا يزالون قوما من رعيتك ، الذين جعلك الله عليهم واليا ، وجعل العدل بينك وبينهم حاكما . المهدي : فما الرأي فيهم على ما ذكرت من ولائهم وعدم عدائهم ؟ علي : ايها المهدي لقد طلبوا حقا ، وسألوا إنصافا ، فإن أجبت دعوتهم ، ونفست عنهم ، فقد أطعت أمر الرب ، وأطفأت نائرة الحرب ، ووفرت الأموال ، وحمل الناس عملك هذا على طبيعة جودك ، وسجية حلمك ، فأمنت أن تنسب إلى ضعفة ، وأن يكون ذلك لهم فيما بقي دربة . وإن منعتهم ما طلبوا ، ولم تجبهم إلى ما سألوا ، فقد جعلتهم لك ندا ، ووقفت معهم موقف الخصم أمام الخصم ، فما الفائدة من ذلك وهم لا زالوا طائفة من الرعية ، مقرين بمملكتك ، مذعنين لطاعتك ! المهدي : هذا رأي سديد مستقيم في أهل الخراج الذين شكوا ظلم عمالنا ، وتحامل ولاتنا ، أما الجنود الذين نقضوا مواثيق العهود ، وأنطقوا لسان الإرجاف ، وفتحوا باب المعصية ، أفلا ينبغي أن أجعلهم نكالا لغيرهم ، وعظة لسواهم ؟ علي : فليعلم المهدي وفقه الله أنه لو أتى بهم مغلولين في الحديد ، مقرنين بالأصفاد ، ثم اتسع لحقن دمائهم عفوه ، ولإقالة عثرتهم صفحه ، واستبقاهم لما هم فيه من حربه ، لما كان بدعا من رأيه ، ولا مستنكرا من نظره ، لقد علمت العرب أنه أعظم الخلفاء والملوك عفوا ، وأصدقها صولة ، لا يتعاظمه عفو ، ولا يتكاءده صفح ، وإن عظم الذنب وجل الخطب . المهدي : إن لك لعقلا ، ورأيا راجحا بارك الله فيك ، فبماذا تختم ؟ علي : الرأي للمهدي وفقه الله أن يحل عقدة الغيظ بالرجاء لحسن ثواب الله في العفو عنهم المهدي : أما علي فقد نوى الليان ، وفض القلوب عن أهل خراسان ، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون ( ثم يلتفت إلى ابنه موسى ولي العهد ويقول : ما ترى يا أبا محمد ؟ موسى : أيها الأمير لا تسكن إلى حلاوة ما يجري من القول على ألسنتهم ، وأنت ترى الدماء تسيل من خلل فعلهم (يقصد أهل خراسان ) والحال من القوم تنادي بمضمرة شر ، وخفية حقد ، قد جعلوا المعاذير عليها سترا ، واتخذوا العلل من دونها حجابا، ,ذلك كسبا للوقت وإطالة للأيام ، حتى يقوى أمرهم ، وتتلاحق مادتهم ،وتستفحل حربهم . المهدي : ما العمل يا موسى ، وكيف نعالج أمرهم ؟ موسى: فليشدد المهدي أُزُره لهم ، ويكتّّب كتائبه نحوهم، وليضع الأمر على أشد ما يحضره فيهم .. حتى تطأهم الجيوش ، وتأخذهم السيوف ، فإن فعل المهدي فيهم ذلك ، كان مقطعة لكل عادة سوء فيهم ، وهزيمة لكل بادرة شر منهم . المهدي : قد قال القوم ( مخاطبا عمه أبو الفضل ) لم يبق إلا أن نسمع مقالتك يا عماه بعد أن سمعت ووعيت . أبو الفضل العباس : ايها المهدي وفقك الله وسدد رأيك ، فأما الموالي فأخذوا بفروع الرأي ، وسلكوا جنبات الصواب ، وتعدوا أمورا قصر بنظرهم عنها أنه لم تأت تجاربهم عليها . وأما الفضل فقد أشار بالأموال ألا تنفق ، والجنود ألا تفرق ، وأن يتم غزوهم بالحيلة والمكيدة ، وأن لا يعطوا ما طلبوا استصغارا لشأنهم واستهانة بحربهم، أقول: إنما _ ايها المهدي _ يهيج جسيمات الأمور صغارها وأما علي فأشار باللين وإفراط الرفق . وإذا جرد الوالي لمن غمط أمره ، وسفه حقه ، اللين محضا والخير بحتا ، لم يخطهما بشدة تعطف القلوب على لينه ، ولا بشر يحيشهم ( يجعلهم يفزعون) إلى خيره ، فقد مّلكهم الخلع لعُذُرهم(العُذُر:اللحام الذي يكون على خد الفرس ) ،ووسع لهم الفرجة لثني أعناقهم ، فإن أجابوا دعوته ،وقبلوا لينه من دون ما خوف اضطرهم ولا شدة حال أخرجتهم ، لم يزل ذلك يهيج عزة في نفوسهم ، ونزوة في رؤوسهم ، يصرفون بها رأي المهدي فيهم . المهدي : وإن لم يقبلوا الدعوة ويسرعوا إلى الإجاية باللين ؟ العباس بن محمد : وإن لم يقبلوا دعوة المهدي ، وسرعوا لإجابته باللن المحض والخير الصراح فذلك ما عليه الظن بهم ، والرأي فيهم وما قد يشبه أن يكون من مثلهم ، _ أقول _ إن الله تعالى خلق الجنة وجعل فيها من النعيم المقيم ، والملك الكبير ما لا يخطر على قلب بشر ، ولا تدركه الفكر ، ولا تعلمه نفس . ثم دعا الناس إليها ورغبهم فيها ، فلولا أن خلق لهم نارا جعلها لهم رحمة يسوقهم بها إلى الجنة لما أجابوا ولا قبلوا . المهدي: يخاطب ابنه هارون : لم نسمع منك بعد يا هارون . هارون : خُلطت الشدة أيها المهدي باللين فصارت الشدة أمرّ فطام لما تكره ، وعاد اللين أهدى قائد إلى ما تحب ، ومع ذلك أرى أن الحرب خدعة ، والأعاجم قوم مَكََََرَه ينبغي الحذر منهم ، والطبيب الحاذق ، الرفيق بطبه ، البصير بأمره : العالم بمقدم يده ، وموضع ميسمه ، لا يتعجل الدواء قبل أن يقع على معرفة الداء . المهدي لقد كفيتم وشفيتم ، وكنتم من الناصحين ، شكر الله سعيكم ، وسوف نرى رأينا بالأمر ثم نطلعكم عليه إنشاء الله ، وعلى الله قصد السبيل . تسدل الستارة مع مايناسب من موسيقا تصويرية .
| |
|