Admin Admin
عدد المساهمات : 2509 تاريخ التسجيل : 09/10/2009
| موضوع: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49 الأحد مايو 26, 2013 10:08 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم .قال الشعراوي: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49)}. ووجّه الخطاب إلى الرئيس الأصلي في هذه المهمة، وهو موسى عليه السلام.{قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)}. معنى {أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ} [طه: 50] أي: كل ما في الوجود، خلقه الله لمهمة، فجاء خَلْقه مناسبًا للمهمة التي خُلِق لها {ثُمَّ هدى} [طه: 50] أي: دلّ كل شيء على القيام بمهمته ويسّره لها. والحق سبحانه أعطى كل شيء {خَلْقَهُ} الخَلْق يُطلَق، ويُراد به المخلوق، فالمخلوق شيء لابد له من مادة، لابد أن يكون له صورة وشكل، له لون ورائحة، له عناصر ليؤدي مهمته. فإذا أراد الله سبحانه خَلْق شيء يقْدِر له كل هذه الأشياء فأمدَّ العين كي تبصر، والأنف كي يشم، واللسان كي يتذوق، ثم هدى كل شيء إلى الأمر المراد به لتمام مهمته، بدون أي تدخّل فيه من أحد. وإذا كان الإنسان، وهو المقدور للقادر الأعلى يستطيع أن يصنع مثلًا القنبلة الزمنية، ويضبطها على وقت، فتؤدي مهمتها بعد ذلك تلقائيًا دون اتصال الصانع بها. فالحق سبحانه خلق كل شيء وأقدره على أنْ يُؤدِّي مهمته على الوجه الأكمل تأدية تلقائية غريزية، فالحيوانات التي نتهمها بالغباء، ونقول عنها: بهائم هي في الحقيقة ليست كذلك، وقد أعطانا الحق سبحانه وتعالى صورة لها في مسألة الغراب الذي بعثه الله ليُعلِّم ولد آدم كيف يواري سوءة أخيه كما قال سبحانه: {فَبَعَثَ الله غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأرض لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذا الغراب فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النادمين} [المائدة: 31]. فكيف صنع الغراب هذا الصنيع؟ صنعة بالغريزة التي جعلها الله فيه، ولو تأملتَ الحمار الذي يضربون به المثل في الغباء حين تريده أنْ يتخطى قناة مثلًا، تراه ينظر إليها ويُقدِّر مسافتها، فإن استطاع أنْ يتخطاها قفز دون تردد، وإنْ كانت فوق إمكانياته تراجع، ولم يُقْدِم مهما ضربته أو أجبرته على تخطيها، هذه هي الغريزة الفِطْرية. لذلك تجد المخلوقات غير المختارة لا تخطىء؛ لأنها محكومة بالغريزة، وليس لها عقل يدعو إلى هوىً، وليس لها اختيار بين البدائل مثل العقل الإلكتروني الذي يعطيك ما أودعته فيه لا يزيد عليه ولا ينقص، أما الإنسان فيمكن أنْ يُغيّر الحقيقة، ويُخفِي ما تريده منه، لأن له عقلًا يفاضل: قُلْ هذه، ولا تقُلْ هذه، وهذا ما ميّز الله به الإنسان عن غيره من المخلوقات. كذلك، ترى الحيوان إذا شبع يتمنع عن الطعام ولا يمكن أن تؤكله عود برسيم واحد مهما حاولتَ، إنما الإنسان صاحب العقل والهوى يقول لك: أرها الألوان تريك الأركان، فلا مانع بعد أن أكل حتى التخمة من تذوُّق أصناف شتّى من الحلوى والفاكهة وخلافه. | |
|