حينما اخترتَ أن تكون زوجًا فقد وقَّعت ضمنيًّا على مسؤلية مزدوجة.. مسؤلية أن تكون زوجًا ومسؤلية أن تكون أبًا، وهو عهد بينك وبين رب العالمين يجب عليك منذ اللحظة الأولى البدءُ في تنفيذ (بنوده).. وإذا بدأت بداية طيبة وتقبلت هذه الأمانة بروح الرضا والرغبة في أدائها فستجد الأمر يسيرًا ومحببًا إلى النفس، بل وستجد العونَ من الله في كل خطواتك، فقط اجعل نيتك لله أن يكون غرسُ يديك صالحًا ينفع الأمةَ ويرفع شأنها.
إن الأبوة كنز قد لا يتحصل عليه كثيرون غيرك، ويتمنى لو يدفع أحدهم عمره ليصل إليه، فتذكر دائمًا شكر النعمة بحسن الاستعمال، وكن أبًا حنونًا عطوفًا تبني ولا تهدم.
كم هو محروم من يحرم نفسه من رؤية أطفاله يخطون الخطوات الأولى، من الاستماع إلى كلماتهم الأولى، من ضحكاتهم البريئة في أثناء ملاعبتهم، والاستمتاع بدفء أحضانهم الصغيرة..
إن الأب الذي يريد أولاده مطيعين مؤدبين، عليه أولاً أن يضع في قلوبهم بذرة حبه والتعلق به، فيكونوا أشد حرصًا على طاعته وبره وإسعاد قلبه، ولن تأتي فرحتُك بأولادك إذا تخليتَ عنهم وهم أشد ما يكونون حاجةً إليك في سنوات البذر والتعهد والرعاية..
ستتعب وتتألم وتعاني في ظلال أبوتك، ولكنه تعب محبب وألم له ما بعده من راحة البال واطمئنان القلب، ومعاناة ستدرك قيمتها حينما تراهم يكبرون أمامك وهم يقدّرون جهدك معهم، ويشيرون إليك بفخر ويقولون: هكذا علمنا أبونا...
فلتملأْ قلبَك بمشاعر الأبوة الحانية، ولتفض من معانيها الغالية على أولادك ما يمكنهم من حياة صحيحة متوازنة، فتنعم مع أمتك بجيل صالح متميز.