الإعجاز العلمي في تقدم السمع على البصر
مقدمة:
خلق اللّه سبحانه وتعالى العباد ومنحهم من رعايته وفضله وأفاض عليهم من رحمته، واستخلفهم في الأرض يزودهم بكل أدوات الخلافة من تركيب خاص وتكوين لائق بذلك وتسخير للطاقات الكونية، ولذلك كان على البشرية جميعها أن تتفكر في آيات اللّه وبدائع خلقه وآثار صنعه، فتدركه بآثار قدرته وتستشعر عظمته برؤية حقيقة إبداعه، ومن ثم يخشاه الناس حق الخشية، ويعبدونه حق العبادة بالمعرفة الدقيقة والعلم المباشر؛ حتى لا يركبهم الغرور، ويعرفوا أنهم هم الفقراء إلى اللّه وأن الله هو الغنى الحميد.
ومن بين هذه النعم التي تفضل الله بها على عباده نعمة السمع ونعمة البصر، وقد جاء ذكر السمع متقدماً على ذكر البصر في كتاب الله الحكيم في أكثر من موضع، وبالتالي فإننا سنحاول أن نبين بعض أسرار هاتين النعمتين، ونقف على جزء بسيط من عجائب هذه النعم، وبعض الفوائد في تقدم السمع على البصر في كتاب الله تعالى، لنصل في النهاية إلى أن العلم الحديث ما زال يجهل الكثير عن مخلوقات الله عز وجل، ولم يعرف بعد من أسررها إلا القليل، وصدق الله العليم إذ يقول: ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [الإسراء: 85].
الآيات القرآنية الكريمة الواردة في هذا الموضوع:
جاءت الآيات الكريمة في كتاب الله تعالى مخبرة عن السمع والبصر في مواضع كثيرة وبصور متعددة، إلا أن الغالب فيها هو تقدم ذكر السمع على البصر في تلك المواضع، وقد حاولت أن أعمل إحصاءاً لذلك التقديم وتلك الصور المتعددة فكان على النحو الآتي:
1- تقدم لفظ السمع على لفظ البصر في (20) موضعاً تقريباً، ومن تلك المواضع قوله تعالى: ﴿خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ﴾ [البقرة: 7]، وقوله تعالى: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: 20]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ﴾ [الأنعام: 46]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [القصص: 71-72].
2- وقد يأتي هذا التقديم في صورة تقديم لفظ السميع على البصير، وذلك في (11) موضعاً، ومنها على سبيل المثال قوله تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً﴾ [الإنسان: 2].
3- تقدم البصر على السمع في موضعين فقط، وهما في قوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً﴾ [الكهف: 26]، وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ [السجدة: 12].
4- تقدم لفظ البصير على السميع في موضع واحد، وذلك في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ [هود: 24].
5- السمع يأتي دائماً في صورة المصدر المفرد إلا فيما ندر كما رأينا في الآيات السابقة، بينما البصر قد يأتي مفرداً كقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء: 36]، والغالب فيه أن يأتي في صورة الجمع مثل قوله تعالى: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: 20].
وقد يأتي السمع والبصر في صورة الفعل مثل قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً﴾ [مريم: 42]، أو في صورة أفعل التفضيل مثل قوله تعالى: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [مريم: 38]، أو في صورة اسم الفاعل كقوله تعالى: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً﴾ [النساء: 134].
6- إذن من الملاحظ في كتاب الله تعالى عند تتبع المواضع التي تكلمت عن السمع والبصر هو تقدم حاسة السمع على حاسة البصر في أغلب تلك المواضع، لكن الأمر يختلف تماماً عندما ينتقل الكلام من الحديث عن الحاسة إلى الحديث عن الجارحة (العضو أو الآلة)، فنجد تقدم ذكر العين على الأذن في كل المواضع، وهما العضوان اللذان يتم بهما السمع والبصر، وقد جاء ذكر الأذن مع العين في ثلاثة مواضع، وهي قوله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: 45].
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: 179].
وقوله تعالى: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ﴾ [الأعراف: 195]، و جاء تقدم العين على حاسة السمع في موضع واحد، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً﴾ [الكهف: 101].
أقوال المفسرين والعلماء المسلمين في تقديم السمع على البصر:
اختلف العلماء المسلمون في المفاضلة بين السمع والبصر، فذهب عدد كبير من العلماء إلى تفضيل السمع على البصر، وحشد في ذلك العديد من الأدلة، وذهب فريق منهم إلى تقديم البصر على السمع. يقول القرطبي في تفسير قوله تعالى: ﴿خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ﴾ [البقرة: 7]:
قوله تعالى: ﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾ استدل بها من فضل السمع على البصر لتقدمه عليه.
وقال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ﴾ [الأنعام: 46]، وقال: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: 78]، قال: والسمع يدرك به من الجهات الست وفي النور والظلمة، ولا يدرك بالبصر إلا من الجهة المقابلة وبواسطة من ضياء وشعاع.
وقال أكثر المتكلمين بتفضيل البصر على السمع: لأن السمع لا يدرك به إلا الأصوات والكلام، والبصر يدرك به الأجسام والألوان والهيئات كلها، قالوا: فلما كانت تعلقاته أكثر كان أفضل وأجازوا الإدراك بالبصر من الجهات الست(1).
ويقول ابن القيم: "فائدة أيهما أفضل السمع أو البصر؟"
اختلف ابن قتيبة وابن الأنباري في السمع والبصر أيهما أفضل، ففضل ابن قتيبة السمع ووافقه طائفة، واحتج بقوله تعالى: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾ [يونس: 42-43]، قال فلما قرن بذهاب السمع ذهاب العقل ولم يقرن بذهاب النظر إلا ذهاب البصر كان دليلاً على أن السمع أفضل.
قال ابن الأنباري هذا غلط وكيف يكون السمع أفضل وبالبصر يكون الإقبال والإدبار والقرب إلى النجاة والبعد من الهلاك وبه جمال الوجه وبذهابه شينه، وفي الحديث: «من ذهبت كريمتيه فصبر واحتسب لم أرض له ثواباُ دون الجنة»(2).
وأجاب عما ذكره ابن قتيبة بأن الذي نفاه الله تعالى مع السمع بمنزلة الذي نفاه عن البصر، إذا كأنه أراد إبصار القلوب ولم يرد إبصار العيون، والذي يبصره القلب هو الذي يعقله لأنها نزلت في قوم من اليهود كانوا يستمعون كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- فيقفون على صحته ثم يكذبونه، فأنزل الله فيهم: ﴿أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ﴾ [يونس: 42] أي المعرضين، ﴿وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ * وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ﴾ بعين نقص ﴿أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ﴾ أي المعرضين ﴿وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾ [يونس: 43].
قال: ولا حجة في تقديم السمع على البصر هنا فقد أخبر في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ﴾ [هود: 24].
قلت: واحتج مفضلوا السمع بأن به ينال غاية السعادة من سمع كلام الله وسماع كلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-، قالوا وبه حصلت العلوم النافعة.
قالوا وبه يدرك الحاضر والغائب والمحسوس والمعقول، فلا نسبة لمدرك البصر إلى مدرك السمع، قالوا ولهذا يكون فاقده أقل علماً من فاقد البصر، بل قد يكون فاقد البصر أحد العلماء الكبار بخلاف فاقد صفة السمع فإنه لم يعهد من هذا الجنس عالم البتة.
قال مفضلوا البصر أفضل النعيم النظر إلى الرب تعالى وهو يكون بالبصر والذي يراه البصر لا يقبل الغلط بخلاف ما يسمع فإنه يقع فيه الغلط والكذب والوهم فمدرك البصر أتم وأكمل، قالوا وأيضاً فمحله أحسن وأكمل وأعظم عجائب من محل السمع وذلك لشرفه وفضله.
قال شيخنا(3): "والتحقيق أن السمع له مزية والبصر له مزية، فمزية السمع العموم والشمول، ومزية البصر كمال الإدراك وتمامه، فالسمع أعم وأشمل، والبصر أتم وأكمل، فهذا أفضل من جهة شمول إدراكه وعمومه، وهذا أفضل من جهة كمال إدراكه وتمامه".(4)
ومن أدلة من قدم السمع على البصر أن السمع وسيلة إلى استكمال العقل بالمعارف التي تتلقف من أصحابها(5)، وفي مقدمة تلك العلوم الوحي، فهو وسيلة بلوغ دعوة الأنبياء إلى أفهام الأمم على وجه أكمل من بلوغها بواسطة البصر لو فقد السمع(6)، وبالسمع تنال سعادة الدنيا والآخرة فإن السعادة بأجمعها في طاعة الرسل والإيمان بما جاءوا به وهذا إنما يدرك بالسمع(7)، وأن إدراك السمع أقدم من إدراك البصر(. ويقول ابن عجيبة في تفسيره: "وقدَّم في جميع القرآن نعمة السمع على البصر؛ لأنه أنفع للقلب من البصر، وأشد تأثيرًا فيه، وأعم نفعًا منه في الدين؛ إذ لو كانت الناس كلهم صمًا، ثم بُعِثت الرسل، فمن أين يدخل عليهم الإيمان والعلم؟ وكيف يدركون آداب العبودية وأحكام الشرائع؟ إذ الإشارة تتعذر في كثير من الأحكام. وإنما أفرده وجمع الأبصار والأفئدة؛ لأن متعلق السمع جنس واحد وهي الأصوات، بخلاف متعلق البصر، فإنه يتعلق بالأجرام والألوان، والأنوار والظلمات، وسائر المحسوسات، وكذلك متعلق القلوب؛ معاني ومحسوسات، فكانت دائرة متعلقهما أوسع مع متعلق السمع، والله تعالى أعلم"(9).
وقد نقل القول بتقديم السمع على البصر عدد من المفسرين، مثل الرازي(10)، والآلوسي(11)، والطاهر بن عاشور(12)، والسمرقندي في تفسيره.(13).
ومن المفسرين المتأخرين من رأى أن لتقديم السمع على البصر فائدة وحكمة، ومنهم الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي ذكر عدداً من الحِكم في تقديم السمع على البصر، ومنها:
1- أن السمع أول عضو يؤدي وظيفته في الدنيا، فالطفل ساعة الولادة يسمع عكس العين فإنها لا تؤدي مهمتها لحظة مجيء الطفل إلى الدنيا.
2- أن الأذن لا تنام، فالإنسان عندما ينام يسكن فيه كل شيء إلا سمعه، وإنك إذا أردت أن توقظ النائم ووضعت يدك قرب عينيه فإنه لا يحس، ولكنك إذا أحدثت ضجيجاً بجانب أذنه فإنه يقوم من نومه فزعاً. والشيء الذي لا ينام أرقى في الخلق من الشيء الذي ينام، فالأذن لا تنام أبداً منذ ساعة الخلق.
3- أن الأذن هي الصلة بين الإنسان والدنيا، فالله سبحانه وتعالى حين أراد أن يجعل أهل الكهف ينامون مئات السنين قال: ﴿فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً﴾ [الكهف: 11]، ومن هنا عندما تعطل السمع استطاعوا النوم مئات السنين دون أي إزعاج، ذلك أن ضجيج الحركة في النهار يمنع الإنسان النوم العميق، وسكونها بالليل يجعله ينام نوماً عميقاً، وهي لا تنام ولا تغفل أبداً.
4- أن العين تحتاج إلى نور حتى ترى، وبالتالي فإن العين لا ترى في الظلام، ولكن الأذن تؤدي مهمتها في الليل والنهار، في الضوء والظلام(14).
السمع والبصر في ضوء الاكتشافات العلمية الحديثة:
جاء العلم الحديث اليوم ليكشف لنا العديد من الحقائق المتعلقة بالسمع والبصر، ومن هذه الحقائق التي كشف عنها العلم الحديث:
1- أن آلة السمع وهي الأذن تتكون قبل آلة البصر وهي العين، فالأذن والعين تتطوران في وقت متزامن تقريباً في الحياة الجنينية الأولى، إذ تظهر الصحيفة السمعية في آخر الأسبوع الثالث (Otic Placode) وهي أول مكونات آلة السمع، بينما تظهر الصحيفة البصرية في أول الأسبوع الرابع من حياة الجنين، وتتطور الأذن الداخلية للجنين من هذه الصحيفة السمعية، فيظهر في الأسبوع الرابع الكيس الغشائي لحلزون الأذن
(Cochlea Membraneous) الذي ينمو طولياً ويلتف لفتين ونصف مكوناً الحلزون الكامل في الأسبوع الثامن، ثم تتم إحاطة الحلزون بغلاف غضروفي في الأسبوع الثامن عشر، وينمو هذا حتى يصل حجمه الحجم الطبيعي له عند البالغين في نهاية الأسٍبوع الواحد والعشرين، عندما ينمو فيه عضو كورتي -وهو عضو حس السمع- وتظهر فيه الخلايا الشعرية الحسية التي تحاط بنهايات العصب السمعي. وبهذا تكون الأذن الداخلية قد نمت ونضجت لتصل إلى حجمها الطبيعي عند البالغين وأصبحت جاهزة للقيام بوظيفة السمع المخصصة لها في الشهر الخامس من عمر الجنين.
إن هذا القسم من الأذن يتمكن منفرداً من التحسس للأصوات ونقل إشاراتها إلى الدماغ لإدراكها دون أية ضرورة لمساهمة الأذنين الوسطى والخارجية من الأديم الظاهر والأذن الوسطى من الأديم المتوسط فتتولد عظيمات وعضلات الأذن الوسطى وبوق اوستاكي وغشاء الطبلة والصماخ السمعي الخارجي خلال الأسابيع 10-20، ثم يتم اتصالها بالأذن الداخلية في الأسبوع الحادي والعشرين. كما يتضح شكل صيوان الأذن في بداية الشهر الخامس ويتكامل نموه في الأسبوع الثاني والثلاثين.
أما العين فلا يتم تكامل طبقتها الشبكية الحساسة للضوء إلا بعد الأسبوع الخامس والعشرين ولا تتغطى ألياف العصب البصري بالطبقة النخاعية لتتمكن من نقل الإشارات العصبية البصرية بكفاءة إلا بعد أسابيع من ولادة الجنين. كما يبقى جفني عيني الجنين حتى الأسبوع السادس والعشرين من الحياة الجنينية.
ويتضح مما تقدم أن الأذن الداخلية للجنين تنضج وتصبح قادرة على السمع في الشهر الخامس، بينما لا تفتح العين ولا تتطور طبقتها الحساسة للضوء إلا في الشهر السابع وحتى عند ذاك لن يكون العصب البصري مكتملاً لينقل الإشارات العصبية الضوئية بكفاءة، ولن تبصر العين لأنها غارقة في ظلمات ثلاث(15).
2- الأذن تبدأ في العمل قبل العين، فلقد ثبت علمياً أن الأذن الداخلية للجنين تتحسن للأصوات في الشهر الخامس، ويسمع الجنين أصوات حركات أمعاء وقلب أمه، وتتولد نتيجة هذا السمع إشارات عصبية سمعية في الأذن الداخلية، والعصب السمعي والمنطقة السمعية في المخ، يمكن تسجيلها بآلات التسجيل المختبرية، وهذا برهان علمي يثبت سماع الجنين للأصوات في هذه المرحلة المبكرة من عمره. ولم تسجل مثل هذه الإشارات العصبية في الجهاز البصري للجنين إلا بعد ولادته.
3- اكتمال حاسة السمع قبل حاسة البصر بعد خروج الجنين، حيث يمكن للجنين أن يسمع الأصوات بالطريقة الطبيعية بعد بضعة أيام من ولادته بعد أن تمتص كل السوائل وفضلات الأنسجة المتبقية في أذنه الوسطى والمحيطة بعظيماتها ثم يصبح السمع حاداً بعد أيام قلائل من ولادة الطفل.
أما حاسة البصر فهي ضعيفة جداً عند الولاة إذ تكاد أن تكون معدومة، ويصعب على الوليد تمييز الضوء من الظلام، ولا يرى إلا صوراً مشوشة للمرئيات، وتتحرك عيناه دون أن يتمكن من تركيز بصره وتثبيته على الجسم المنظور، ولكنه يبدأ في الشهر الثالث أو الرابع تمييز شكل أمه أو قنينة حليبه وتتبع حركاتهما، وعند الشهر السادس يتمكن من تفريق وجوه الأشخاص، إلا أن الوليد في هذا السن يكون بعيد البصر، ثم يستمر بصره على النمو والتطور حتى السنة العاشرة من عمره(16).
4- تطور المناطق السمعية المخية قبل المناطق البصرية المخية، فلقد أثبت العلم اليوم أن المنطقة السمعية المخية تتطور وتتكامل وظائفها قبل مثيلتها البصرية، وقد أمكن تسجيل إشارات عصبية سمعية من المنطقة السمعية لقشرة المخ عند تنبيه الجنين بمنبه صوتي في بداية الشهر الجنيني الخامس، وتحفز الأصوات التي يسمعها الجنين خلال النصف الثاني من حياته الجنينية هذه المنطقة السمعية لتنمو وتتطور وتتكامل عضوياً ووظائفياً، ومن الناحية الأخرى لا تنبه المنطقة البصرية للمخ في هذه الفترة بأية منبهات ولذلك فهي لا تتطور كثيراً ولا تنضج ولا تتكامل، فمن المعلوم فيزيولوجيا أن المنبهات النوعية التي ترد عن أي طريق عصبي حسي تحفزه على النمو والنضوج وبهذه الطريقة يحفز الجهاز العصبي على النضوج منذ الشهر الخامس الجنيني ولا يحفز الجهاز البصري بمثل ذلك إلا بعد ولادته.
ولهذه الأسباب يتعلم الطفل المعلومات الصوتية في أوائل حياته قبل تعلمه المعلومات البصرية، ويتعلمها ويحفظها أسرع بكثير من تعلمه المعلومات المرئية، فهو مثلاً يفهم الكلام الذي يسمعه ويدركه ويعيه أكثر من فهمه للرسوم والصور والكتابات التي يراها، ويحفظ الأغاني والأناشيد بسرعة ويتمكن من تعلم النطق في وقت مبكر جداً بالنسبة لتعلمه القراءة والكتابة، وكل ذلك لأن مناطق دماغه السمعية نضجت قبل مناطقه البصرية(17).
فيتضح لنا من كل ما تقدم أن التقدم فيما سبق هو تقدم زماني، وخلاصته ما يلي:
أ- جهاز السمع يتطور جنينياً قبل جهاز البصر ويتكامل وينضج حتى يصل حجمه في الشهر الخامس من حياة الجنين الحجم الطبيعي له عند البالغين بينما لا يتكامل نضوج العينين إلا عند السنة العاشرة من العمر.
ب- يبدأ الجنين بسماع الأصوات في رحم أمه وهو في الشهر الخامس من حياته الجنينية ولكنه لا يبصر النور والصور إلا بعد ولادته.
ج- تتطور وتنضج كل المناطق والطرق السمعية العصبية قبل تطور ونضوج مثيلاتها البصرية بفترة طويلة نسبياً.
5- من خلال الآيات الكريمة التي ذكرناها في أول البحث لاحظنا تقدم العين على الأذن، ورأينا في المقابل أن السمع يتقدم على البصر، وهذا يتناسب مع تقدم العين على الأذن في رأس الإنسان، وكشف العلم الحديث عن حقيقة تتناسب مع تقدم السمع على البصر، وهي أن مركز السمع يتقدم مركز الإبصار في مخ الإنسان تشريحياً؛ وهنا ظهرت المعجزة العلمية الباهرة فالترتيب المكاني للسمع والبصر في الآيات يأتي وفقاً للترتيب المكاني لمراكز السمع والبصر في مخ الإنسان.
6- من المعروف فسيولوجياً أن المرء يفقد حس البصر قبل فقدانه حس السمع عند بدء النوم أو التخدير (التبنج) أو عند الاحتضار قبيل الموت أو عند هبوط ضغط الأوكسجين في الهواء -كما يحصل مثلاً عند الصعود إلى المناطق الجبلية العليا أو عند الطيران في الأجواء العليا- أو عند فقر دم الدماغ -كما يحصل للصائم مثلاً إن ملأ معدته بغذاء وفير وبسرعة كبيرة أو عند النهوض السريع والمفاجئ من وضع الاستلقاء- ففي كل هذه الحالات لا يفقد حس السمع إلا بعد فقدان حس البصر بفترة قصيرة.
7- تأثير السرعة والارتفاع على السمع والبصر: يولد التسارع أو التعجيل الشديد عند الطيارين أو عند رواد الفضاء أثناء الطيران والارتفاع السريع تجاذباً موجباً يؤثر على البصر ويسبب ضباب الرؤية قبل فقدانها تماماً والإصابة بالعتمة التامة، ولا يفقد الطيار في هذه الأحوال حس السمع كله بل يبقى جزء كبير منه لفترة تالية تبقيه باتصال صوتي مع المحطات الأرضية(18).
8- يتمكن الإنسان من سماع الأصوات التي تصل إلى أذنيه من كل الاتجاهات والارتفاعات فيمكننا القول: إن الساحة السمعية هي (360)، بينما لو ثبت الإنسان رأسه في موضع واحد فلن يتمكن من رؤية الأجسام إلا في ساحة بصرية محدودة تقارب الـ (180) في المستوى الأفقي و (145) في الاتجاه العمودي، أما ساحة إبصاره للألوان فهي أقل من ذلك كثيراً، كما أن أشعة الضوء تسير بخط مستقيم دائماً فإذا اعترضها جسم غير شفاف فلن تتمكن من عبوره أو المرور حوله ولكن الموجات الصوتية تسير في كل الاتجاهات ويمكنها أن تلف حول الزوايا وعبر الأجسام التي تصادفها فهي تنتقل عبر السوائل والأجسام بسهولة فيسمعها الإنسان حتى عبر الجدران.
9- تأثير إصابة الدماغ على السمع والبصر: من المهم ملاحظة أن حس السمع لكل أذن يتمثل في جهتي المخ فإذا أصيب أحد نصفي الدماغ بمرض ما فلن يفقد المصاب السمع في أي من أذنيه، أما في حالة البصر فيتمثل كل نصف من نصفي العين الواحدة على جهة المخ المعاكسة لها فإذا ما أصيب الدماغ بمرض في أحد نصفيه فقد المصاب البصر في نصفي عينيه المعاكسين لجهة الإصابة(19).
10- ومن المعلوم أن المولود الذي يولد فاقداً لحس السمع يصبح أبكماً بالإضافة إلى صممه ولن يتمكن من تعلم النطق والكلام، أما الذي يولد فاقداً لحس البصر فإنه يتمكن من تعلم النطق وبسهولة، والسر في ذلك هو أن الأطفال عندما يخرجون من بطون أمهاتهم لا يعرفون شيئاً عن الكلام بل يتعلمونه في السنوات الأولى من أعمارهم عن طريق المحاكاة، فهم يقلدون الأصوات التي يسمعونها ممن حولهم وشيئاً فشيئاً يستطيعون النطق ببعض الألفاظ البسيطة أولاً، ثم الألفاظ المعقدة بعد ذلك، وهكذا تدريجياً إلى أن يصبحوا قادرين على الكلام كغيرهم من بني الإنسان.
وهذه العملية لا يمكن حدوثها على الإطلاق ما لم يكونوا قادرين على سماع الأصوات التي تتردد حولهم. وبمعنى آخر فإنهم لا يستطيعون الكلام ما لم يكونوا متمتعين بحاسة السمع. وهذا هو السبب في أن الطفل الذي يولد وهو مصاب بالصمم يصبح بعد ذلك أبكماً لا يتكلم في مستقبل حياته(20).
11- عند فقدان حس البصر تقوم المنطقة البصرية المخية بوظائف ارتباطية فترتبط وظيفياً مع المناطق الارتباطية الدماغية الأخرى فتزيد من قابلية الدماغ على حفظ المعلومات والذاكرة والذكاء، ولا تقوم المناطق السمعية -لسبب غير معروف- بمثل هذا الارتباط عند فقدان حس السمع، ولذلك فقد نبغ الكثيرون ممن فقدوا حس البصر، ولم ينبغ أحد ممن فقد حس السمع إلا نادراً مما يدل على أهمية حس السمع والمبالغة في تخصص مناطقه المخية.
12- أما عن كثرة المعلومات البصرية التي ترد الجسم بالنسبة للمعلومات السمعية القليلة نسبياً التي تصل إليه فلا بد من أن نعرف أن كثرة المعلومات لا تعني دائماً أنها تولد إدراكاً ومفاهيم أكثر وأعمق في دماغ الإنسان مما تولده المعلومات السمعية على قلتها، فالذاكرة السمعية أرسخ من الذاكرة البصرية، والرموز الصوتية تعطي مدلولات ومفاهيم أكثر من الرموز الضوئية، فمن المعلوم مثلاً أن نطق الكلمة الواحدة بلهجات ونغمات متباينة تنقل للسامع مفاهيم مختلفة، ولو كتبنا الكلمة نفسها بمختلف الصور الخطية لنقلت دائماً لقارئها مفهوماً واحداً لا غير، ومن المعلوم جيداً أن الأفلام الصامتـة لا توصل من المعلومات إلا جزءاً يسيراً مما يمكن أن تنقله الأفـلام الناطقـة(21).
13- مما كشفه العلم الحديث أن الأذن الداخلية تحتوي -بالإضافة إلى القوقعة- على جهاز أخر على جانب كبير من الأهمية وهو (جهاز التوازن)، ويتركب من ثلاث قنوات هلالية الشكل، تمتد متعامدة مع بعضها البعض، وعن طريق هذه القنوات يستطيع الإنسان الاحتفاظ بتوازن الجسم، ويؤدى حدوث أي اختلال في هذا الجهاز إلى إصابة الإنسان بالدوار، كما أنه يصبح غير قادر على الاحتفاظ بتوازنه عند الوقوف أو المشي مما يجعله يترنح ذات اليمين وذات الشمال كما لو كان سكيراً أو أفرط في الشراب.
وقد يحدث في حالات كثيرة -عند ركوب البواخر أو الطائرات أو السيارات لمسافات طويلة وفي طرق غير ممهدة- أن يؤدى اهتزاز الجسم بصورة مستمرة إلى التأثير على جهاز التوازن وينتج عن ذلك ما يعرف بـ (دوار البحر) أو (دوار الطائرات) أو السيارات، مما يدل على أن الأذن تقوم بوظيفة التوازن بالإضافة إلى قيامها بوظيفة السمع(22) فتكون الأذن مسئولة عن السمع والتوازن، أما العين فهي مسئولة عن البصر فقط.
وجه الإعجاز:
هذه الحقائق العلمية المتعددة والتي تثبت أن للسمع ميزات كثيرة تفوق تلك الميزات التي يتميز بها البصر لم تكن معروفة قبل أربعة عشر قرناً، ولم يعرف الكثير منها إلا في العقود الأخيرة من القرن العشرين، على أيدي علماء متخصصين بذلوا في سبيل الوصول إليها أعماراً طويلة، واستخدموا أحدث الوسائل العلمية وأدقها.
هذه الحقائق العلمية الناصعة تبين بكل وضوح وجلاء الإعجاز العلمي في الآيات البينات التي قدمت السمع على البصر؛ لأسبقيته في الخلق والتطور العضوي والوظيفي، وللمميزات الكثيرة لحس السمع على حس البصر، ولتركيبه التشريحي وتقدم مركز السمع على مركز البصر في الدماغ.
ولنا أن نتساءل هل التركيب التشريحي والوظيفي لمناطق المخ البشري العليا كان معروفاً أيام بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم؟.
وهل تركيب ووظائف المخ التكليفية من مناطق السمع والبصر كانت معروفة بدقة وتكامل بعد بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بأكثر من ألف عام؟.
إن الإجابة اليقينية: لا، فالعالم كله لم يكن يعرف شيئاً عن التركيب المتكامل والدقيق للمخ البشري، وبدأ العلم حديثاً في التعرف على مناطق السمع والبصر في المخ البشري، وكان ذلك بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بأكثر من ألف عام.
فيكون السؤال الأخير: ماذا يقول العقل العالمي المفكر لو اكتشف خريطة متكاملة للتركيب التشريحي والوظيفي للسمع والبصر في المخ البشري في القرآن الكريم؟.
حتماً ستكون الإجابة المنطقية: إن هذا يعتبر دليلاً علمياً على صدق الرسالة وصدق الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وسيكون دليلاً يقينياً على أن القرآن الكريم كتاب الله المعجز الوحيد الخالد الباقي المحفوظ ليدين به الجميع وليكون دستوراً للعالمين لمن شاء منهم أن يستقيم.
إعداد/ عادل الصعدي
مراجعة: علي عمر بلعجم.
7/ 11/ 2007م